المقدمة
اننا اليوم فى ضوء
الصراعات الإيديولوجية والفلسفات المعاصرة من ناحية والديانات القديمة من ناحية
أخرى, يجب علينا التمسك والإلتزام الجذرى باالعقيدة الإسلامية السليمة وتقديم
الفكر الإسلامى الحديث بصورة جديدة وبمنهج علم حديث الا وهو علم الكلام الحديث.
وفى هذه الفرصة نريد ان نبحث بحثا دينيا عن رؤية الله وقضاياها بين المعتزلةوالأشعري
والسلف.
عرض الموضوع
1.قضية رؤيةالله عند
المعتزلة
يتفق المسلمون جميعا على توحيدالله, ولكن
المعتزلة تعنى بالتوحيد التنزيه المطلق لله عن صفات المخلوقين, وقد جاء قولهم فى
التوحيد معارضا للتصوراليهودى لله من جهة ولآراء المجسمة المشبهة والحشوية من جهة
أخرى, فاالله لدي المعتزلة "ليس كمثله شيء ", تك آية محكمة تؤول فى
ضوئها كل آية تدل ظاهرها على اتصاف الأوصاف المخلوقين
(ليس بجسم ولاشبح
ولاسورة ولالحم ولادم) انكارعلى المجسمة الذين جعلوالله جسما وعلى فكرة
العهدالقديم أن الله خلق آدم على سورته, ولاشخص ولاجوهر يتقوم بأقانيم, ولاذي لون
ولاطعم ولارائحة (انكار على اليهودية أنه ذووفرة سوداء اوبيضاء) ولامجسمة ولابذي
حرارة ولابرودة ولارطوبة ولايبوسة(إنكار على الحشوية والمشبهة اعتقادهم أن النبي
ليلة المعراج قد سافحه أحس برد أنا مله على كتفه), وطول ولاعرض ولاعمق(انكارعلى
المجسمة أيضا تصورهما لااله سبعة أشباربشبرنفسه).ومع هذه التنزيه المتعالى لله عن
كل صفات المحدثين, فإن الأمر لايخلوا من صعوبات, بعضها يتعلق بصلة الذات والبعض
يتعلق بصفات الله الخبرية التى قد يفيد ظاهرها التشبيه.[1]
أ.نفى
رؤيةالله يوم القيامة
أنكر المعتزلة امكان رؤيةالله
بالأبصارلاقتضائها الجسمية والجهة والضوء, وذلك كله محال فى جنب الله, واستندوا في
ذلك إلى آيات قرآنية, وذلك حين طلب موسي من ربه أن ينظرإليه, قال لن تراني.[2]اول
الآيات التى توهم إمكا رؤية"وجوه يومئذ ناظرة.الى ربها ناظرة".[3]فنظرة
بمعنى منتظرة, فنحن نقول: أنا ناظرة ما يصنع بي بمعنى منتظر, ومع ان أكثرالمعتزلة
قد ذهبوا إلى أن الله سميع بصير, لأن ذلك يقتضي الآلة او الجارحة من الأذن أو العين,
فأولوا صفات السميع اوالبصير على معنى العلم باالمسموعات والمرئيات.[4]
كلام الله:القرآن
مخلوق
ب.كلام
محدث ام قديم؟
الكلام
لدى المعتزلة- شأنه فى ذلك السمع والبصر- ليست صفات من صفات الذات, فكلام الله-
بما فى ذلك القرآن- ليست أزليا, إذ كيف يكون كذلك وفي القرآن أمر و نهي ووعد ووعيد
وكل ذلك يقتضى وجود المأمور أوالمنهي او الموعود, ولوكان الكلام صفة أزلية ليصبح
القرآن قديما ولشارك الله في الإلهية. ذلك إن القدم صفة ذات للألوهية, فكل قديم
فهو اله.
وإذا كان فى القرآن أمر ونهي ووعد ووعيد,
فإن من حكم الأمر أن يصادف مأمورا فلا يصح ان يصدر"أقيموا الصلاة"ولم
يكن في الأزل من يقيم الصلاة. وقد أجمع المسلمون على أن القرآن كلام الله, واتفقوا
على أنه سور وآيات وحروف منتظمة, وكلمات مجموعة ولها مفتتح ومختتش, وأجمعت الأمة
على انه بين أيدينا, تقرأه بألسنتنا ونحسه بأيدينا ونبصره بأعيننا ونسمعه بآذاننا,
ومحال أن يكون هذا كله وصفا لصفة الله.
2.قضية رؤية الله عند
السلف
أيقن السلف أن لاسبيل إلي اليقين في
المطالب الإلهية الا إذا التقينا ها من جهة السمع وخصة فيما يتعلق بمعرفة الذات
الاهية وصفاتها. فإن معرفة هذه الأمور على سبيل الكنه والحقيقة أمر فوق مستوى
العقل البشري, والله تعالى قد حجب جميع خلقه عن معرفة ما هو, ولم يجعل لهم سبيلا
إلى معرفة ماآتيته او كيفيته, لأنه سبحانه أجل من أن يدرك أو يحاط به علما, إذ ليس
كمثله شئ وهو السميع البشير"فنفي عن نفسه الأشباه والأمثال ومن الإستدلال به بالمماثلة."
أ.القول في الصفات تا بع القول في الذات
وإذا كانت معرفة الله على سبيل الكنه
والحقيقة لا سبيل إليها, فيجب أن يتكون صفاته كذلك, لأن القول في الصفة كاالقول في
الموصوف يتحذى فيه حذوذه, فإن كانت ذاته لا علم لنا بحيقتها. والقرآن جرى حديثه عن
وجود الله على أن المقصود هو إثبات وجوده تعالى لإثبات كيفيته, وإذا كانت كل صفة
تتبع موصوفها فيكون الكلام في الصفات مقصودا به إثباة وجود الصفات و ليس إثباتا
كيفيا.[5]
ب.الجمع
بين التشبيه و التنزيه
ثم كان القرآن قد جمع في حديثه عن الإثبات
بالتفصيل والنفي بلا جمال فى آياته واحدة حين قال: ليس كمثله شئ وهو السميع
البصير."[6]
فاالله سميع بصير ولا يشبهه أحد من خلقه مع أنهم يسمعون و يبصرون. ومن الأنصاف هنا
أن نشير إلي أن كلا من الغزالي و ابن الرشد وابن عربي وابن تيمية قد جمعوا في
منهجهم بين التشبيه و التنزيه كما جمع القرآنبينهما في الآية السابقة.
ج.الإثبات ليس تشبيها
لقدتحدث القرآن عن الصفات بالإثبات، والله
قد سمي بعض عباده بما سميبه نفسه كالعلم والسمع والبصر، والله موجود والعبد موجود،
ولأسماء والصفات قد تستعمل خاصة مضافة إلى موصوفها، وقد تستعمل مطلقة عن الإضافة
والتصيص، فإذا إستعملت الصفة مضافة كقولنا علم الله ووجود الله وقدرة الله فإنها
حينئذ تكون خاصة به لا شريكه فيها غيره. ومن هنا
إتضح لنا أن مذهب السلف أصح المذاهب في ذالك، إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل.
3.قضية رؤيةالله عند
الأشعرى
أ.في
مناظرة اسماء الله: هل هي توقيفية؟
دخل
رجل حلى الجبائ فقالى: هل يجوز أن يسمى الله تعالى عاقلا؟ فقالى الجبائ: لا, لأن
العقل مشتق من العقال معني المانع فى حق الله تعالى محال, فامتنع الإطلاق, فقال
الأشعري فعلى أن أقول لا يسمي الله سبحانه-حكيما, لأن هذا الإسم مشتق من حكمة
اللجام, وهي الحديدة المانعة للدابة عن الخروج.
ب.ارآءالأشعري
الكلامية: صفاة الذات
الله ليس كمثله شئ واحد, عالم, قادرحي:
والله لا يشبهه شئ لأنه لو أشبه المحدثات لكان حكمها, وهو واحد لأنه لوكان أكثر من
إله لما جرى تدبير العالم على الأحكام و النظام, قال تعالى:"لوكان فيهمآءالهة
الا الله لفسدتا"[7].
وصفات الله ليست عين
الذاته ولاغير ذاته, صفات الله قائمة بذاته أي انها ليست هي ذاته ولا هي غيره, لا
يتصور ان يكون الله حيا غير حياة او عالما بغير علم او قادرا بغير قدرة او مريدا
بغير إرادة.
الدراسة النقدية
إن
المعتزلة أنكروا الصفات ثم أنكروا الكلام, فذهبوا إلى أن الله لم يكلم موسى ولم
يتكلم, إنما كونه شيئا فعبر عن الله, وخلق صوتا فأسمعه. ذلك لأن الكلام لايكون
إلا بجارحة, إلا من جوف ولسان وشفتين,
والجوارح عند الله منفية. ويقرر إمام أحمد عقيدة معتزلة وهم من أهل التشبيه بقوله:
"تقول إن الله لم يزل متكلما إذا شاء, ولا تقول إنه كان ولايتكلم حتى خلق
الكلام," ولاتقول:إنه قد كان لايعلم حتى خلق الكلام فعلم, ولاتقول إنه قد كان
ولا قدرة له حتى خلق لنفسه القدرة, وبهذا عرف بأن المعتزلة قد نفي صفات من صفلت
الله وهذا باطل لأن قد ظهر في آية القرآن "ولله أسماء الحسنى.
وإن
السلف أو سلفية يؤدي الى ميتودولوجية تفكير في مفهوم آيات القرآن ما يتعلق بمسائل
العقيدة الإسلامية, تعنى باالنقل ولم تكن طريقتهم باالعقل, وممنوع لهم بإدخال
فلسفة اليوناني فيها, لإنهم يعتقدون انها "بدعة". وقد يستعملون مطلقة عن
الإضافة والتصيص، فإذا إستعملت الصفة مضافة كقولنا علم الله ووجود الله وقدرة الله
فإنها حينئذ تكون خاصة به لا شريكه فيها غيره. ومن هنا إتضح لنا أن مذهب السلف أصح
المذاهب في ذالك، إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل.
واما
الأشعري منهج تفكيرهم في نظر العقيدة يعنى باالإجتهاد عن بحث طرق التوسط بين
فكرتان مختلفتان. وصفات الله ليست عين الذاته ولاغير ذاته, صفات الله قائمة بذاته
أي انها ليست هي ذاته ولا هي غيره, لا يتصور ان يكون الله حيا غير حياة او عالما
بغير علم او قادرا بغير قدرة او مريدا بغير إرادة.
الإستنتاج
بعد
أن نبحث عن قضية رؤيةالله بين المعتزلةوالأشعري والسلف, نأخذ الإستنتاج بأن
المعتزلة ظلم ومظلم, لأنهم ينحرفون من عقيدة الإسلام, وينكرون إمكان رؤية الله
بالأبصار لإقتضائها الجسمية والجهة والضوء, وهم يعتزلون من الملة, وهم يخسرون
جسرانا مبينا. واما السلف عقيدتهم صحيحة لأنهم يتمسكون باالقرآن و السنة و يؤل
دليل النقل من العقل, وممنوع لهم بإدخال فلسفة اليوناني فيها, لإنهم يعتقدون انها
"بدعة". واما الأشعري عقيدتهم صحيحة كذلك لإنهم متمسك بالقرآن الكريم,
ولكنهم يدخل فلسفة اليوناني في طرق البحث عن عقيدة الإسلامية.
الإختتام
إن لإختلافات بين آراء العلماء لكثيرة جدا
في أية مشكلات كانت, وما هذا البحث الا الدراسة قطيعة عن فكرة العلماء او فيرة
ونقطة ميسرة فى التوحيد ورغم ذلك سعوا الباحثين على أخذ النتيجة السليمة بعد من
فهم السقيم نحو هذه الخصية و فكراتها التوحيدية, فلذالك لازم علينا ان نتعلم علم
الكلام لمعرفتنا أين الحق والباطل, لأن الباطل يؤدى إلى النار و الحق يؤدى إلى
الجنة, وعسى الله يرحمنا ويهدينا إلى صراط لمستقيم, آمين يارب العالمين.
مصادر الكتب
حملي,مصطفى,قواعد
المنهج السلفي,الإسكندرية:دار لدعوة,1983.
,
السلفية بين العقيدة الإسلامية والفلسفة الغربية, الإسكندرية:دار
الدعوة,1983
القاسمي,فضل
الإعتزال و طبقة المعتزلة,تحقيق فؤاد السيد.
,
حمال الدين, تاريخ الجهمية و المعتزلة, دون تاريخ.
الدكتورأمل
فتح الله زركشي, تاريخ المذاهب الإسلامية وقضاياها الكلامية, جامعة
دارالسلام الإسلامية كونتور فونوروكوا ندو نيسيا:2006.
القاضي عبد
الجبار,شرح الأصول الخمسة
0 komentar:
Posting Komentar